كمبوند الرباب.. قصة نجاح ملهمة في بناء مجتمع حضري متكامل بفعل الجهود التشاركية
في قلب التحولات العمرانية التي تشهدها مناطق التمدد السكاني التي أطلقتها الدولة قبل عقود، وخططتها هيئة المجتمعات العمرانية، وخاصة جهاز حدائق أكتوبر برز كمبوند الرباب كنموذجٍ واقعي للتحول والتطور من النقيض إلى النقيض، ضاربا مثالا فعليا لكيفية الانطلاق إلى المقدمة وتحقيق آمال وطموحات سكان الكمبوند وإحالة أحلامهم إلى واقع ملموس.. ضرب كمبوند الرباب سكانا وقيادة نموذجا لدور القيادة الرشيدة في النهوض والتطوير، وتوحيد الجهود وتحويل التشتت والصراعات إلى التآلف والتناغم، وصولا إلى بناء نموذج متكاملٍ للحياة الحضرية الآمنة والمستدامة.
جاءت بداية مشروع التطوير بمبادرةٍ مجتمعية من السكان أُسندت قيادتها إلى د. أحمد رجب فتحي، وعضوية م. أحمد سعيد، م. محمد فتحي، العميد عاطف عبدالمنعم، د. هاني علم الدين، أ. أحمد سعد، أ. جلال عبدالجليل، وقد تعاونوا جميعا من أجل النهوض بكمبوند الرباب، وتحويل آمال وأحلام سكانه للنهوض به وتحويله إلى أيقونة حية ونموذجا لدور النهضة المجتمعية التشاركية، ونجحوا في إعادة هيكلة البنية التحتية، وتحسين الخدمات، وتعزيز جودة الحياة وفق معايير تخطيط حضري حديثة.
يقول د. أحمد رجب رئيس لجنة التطوير، إن المجتمعات لا تُبنى بالخرسانة فقط، بل بالثقة، والتنظيم، وإرادة سكانها، بالتنسيق والتعاون مع الجهود التشاركية المجتمعية، وضرب نموذجا في التعاون بين المجتمع من ناحية والقطاعين العام والخاص من جهة أخرى.
وقد عاني الكبوند مسبقا من جملة تحديات هدّدت استقراره المجتمعي، فقد غلب على المشهد غياب التنسيق بين الملاك في إدارة المرافق العامة، ما تسبب في تدهور البنية التحتية للكمبوند، علاوة على انعدام الصيانة الدورية للطرق والإنارة وظهور مؤشرات لبدء انتشار الفوضى، علاوة على تردي الوضع الأمني بسبب سياسيات انتقامية وصراعات داخلية، وهو ما حول الكمبوند إلى ساحة مفتوحة للصراعات بين أصحاب المصالح وبعضهم، دون التفات لمصلحة السكان والملاك.
وفور تولي اللجنة المجتمعية مهام عملها برئاسة د. أحمد رجب، وضعوا خطةً منهجيةً مبنيةً على ثلاث ركائز: التشارك المجتمعي، والاعتماد على الكفاءات، والاستدامة.. وقد بدأت اللجنة عملها بإجراء مسحٍ ميداني شامل لتحديد الأولويات، ثم عقدت سلسلةً من الاجتماعات التشاورية مع السكان لجمع المقترحات وتوحيد الرؤى، ونفذت وبناء على المعطيات نفذت حزمةٍ متكاملة من الإجراءات.
استهلت اللجنة علمها بالحفاظ على الأمن الطاقي للكمبوند، وتولت مهمة إعادة تأهيل شبكات الكهرباء، وتعاونوا مع شركة جنوب القاهرة للكهرباء في إزالة عقبات التطوير، وبفضل التعاون والجهود الحثيثة، وافقت شركة الكهرباء على استكمال البنية التحتية للكهرباء وفتح باب التعاقدات لتركيب عدادات الكهرباء، وقد بدأت شركة الكهرباء في بناء غرف المحولات وتمهيد الطريق لرفع كفاءة البنية التحتية، على نفقة الملاك وبنظام التعاقد الفردي.
بعد إنهاء ملف الكهرباء، تواصلت اللجنة مع شركة الغاز الطبيعي لفتح ملف للكمبوند وتسليمهم الخرائط والمستندات اللازمة تمهيدا لإدخال البنية التحتية للغاز الطبيعي إلى الكمبوند، وتم إعداد البنية التحتية اللازمة لإيصال الغاز إلى العمارات، وفي انتظار فتح التعاقد على عداد الغاز وذلك علي نفقة ملاك الوحدات، وعلى نفس النهج تواصلت اللجنة مع شركة المياه وفتح ملف للكمبوند لديهم والبدء في تأهيل وتطوير شبكة البنية التحتية تمهيدا لفتح التعاقد لإدخال عدادات المياه بشكل رسمي.
وبعيدا عن ملف المرافق الأساسية، وضعت اللجنة خطة تطوير وتأهيل بالتوازي شملت تطوير وتنفيذ سيستم إنارة متكامل داخل شوارع الكمبوند، إضافة إلى إنشاء وتركيب سيستم كاميرات مراقبة لتغطية مداخل ومخارج وشوارع الكمبوند وباقي النقاط المهمة وجاري استكمال باقي أعمالها.
وبعد شهور من التفاعل والتعاون والعمل المنظم وتوحيد الجهود ضرب كمبوند الرباب مثالا في المساهمة والتوافق المجتمعي بين السكان ولجنة التطوير، وبات نموذجًا يُحتذى به في التطوير الذاتي المدعوم بقيادة مؤسسية، حيث ينعم السكان ببيئةٍ نظيفة، آمنة، ومنظمة.
نتيجة للجهود السابقة، سجّلت معدلات رضا السكان ارتفاعًا ملحوظًا، كما ارتفعت القيمة السوقية للوحدات السكنية بنسبة تجاوزت 25% منذ بدء مشروع التطوير، والأهم أن المشروع نجح في غرس روح المسؤولية الجماعية، حيث أصبح السكان شركاء فاعلين في صيانة ما تم إنجازه، عبر مبادرات تطوعية دورية.
التجربة الفريدة للجنة تطوير كمبوند الرباب، دفعت روابط شاغلي الكمبوندات المجاورة في نطاق مدينة حدائق أكتوبر التي تعاني من نفس المشاكل إلى طلب عقد اجتماعات تشاورية لتبادل الخبرة واستلهام تجربة تطوير كمبوند الرباب، تمهيدا لتطبيقها وتنفيذها داخل كمبوندات أخرى.
من جانبه يؤكد د. أحمد رجب أن ما أٌنجز ليس نهاية المطاف، بل محطةً أولى في مسيرة تطويرٍ مستدام، وتتطلع لجنة التطوير إلى مراحلٍ جديدة تتضمن بدء أعمال تركيب الانترلوك في الشوارع، وإنشاء سور حديدي داخل الكمبوند، وتعزيز البُعد البيئي، وتوسيع دوائر المشاركة المجتمعية، وتحمل الرسالة الأساسية للمشروع بساطةً وعمقًا في آنٍ واحد.
